مراجعة رواية: "العقيدة" بقلم: خالد أبو جمال...

 

لطالما كانت الأفكار المختلفة الخارجة عن الصندوق، عامل جذب خصب لخيال الكاتب مصطفى أشرف، ولكن هذه المرة قرر استحضار النفس البشرية لتخبرنا بنفسها عن ما تحتويه من غموض تحت رداء العقيدة الداخلية أو النفسية، الرواية ليست رعب خام ولكن الرعب الحقيقي هو اكتشاف جهلنا بما يدور داخل سطور الرواية ونحن لا نشعر به. 

اسم العمل: العقيدة. 

اسم المؤلف: د. مصطفي أشرف. 

تاريخ الإصدار: معرض الكتاب 2023.

عدد الصفحات: 295.

عن الرواية:

تبدأ الرواية في مكان وزمان مُبهمين، إلي أن تنتقل بنا لأحداث الزمان والمكان واضحين، وكعادة الكاتب وبطريقة البروباجاندا الخاصة به، تدور أحداث الرواية في خطوط متفرقة على عدة أزمنة مختلفة وكثيرة ومتشابكة، وهذه المرة كانت الأمور أفضل بكثير من السابق لعدة اسباب سأشرحها لاحقًا، تجلت عظمة اللغة العربية عن قبل بعد أن أستخدم الفصحى سردًا وحوارًا وقد وفِق تمامًا هذه المرة، لأني أعتقد بأن الأسرار والأمور كانت ستكشف لو أستخدم الحوار بالعامية أو على الأقل كانت ستكون أقل إضمارًا، السرد كان متوازن وجعل مشاهد الرواية سينمائية اكتر منها روائية.    

مناقشة:

بعد المشهد الأفتتاحي تبدأ الرواية عند "وحيد" الشاب المريب الكئيب، الذي تحدث له أشياء غريبة غير قادر على أستيعابها، أو بالأحرى القاريء هو الذي لا يستوعب، "وحيد" بيمر بظروف قاسية واضطربات وخيالات مرعبة بنسق غامض للقاريء ومألوف بالنسبة له وخاصة بينه وبين جده المُبهم، تشعر بأن هناك تشابك روحي للشخصية ما بين كل عوالمها وأزمنتها ولكن ليس لديك دليل دامغ، كل ما تملكه هو السؤال والحيرة؟! ، هل "وحيد" هو السبب؟! أم المتسبب؟! أم الأحمق الذي يسير لقدره وهو يشعر بأن هناك كارثة؟! أم هو الكارثة؟!، كل ذلك الأسئلة ستسألها عند القراءة وسيجيب عنها الكاتب في الثلث الأخير من الرواية، أما عن باقي الأحداث التي تبعد عن "وحيد" فكانت ممتعة ومحببة لقلبي لجمالها أولًا ولبعدها عن ذاك "الوحيد" المنفر، ولكن دائما يدور بداخلي بأن هناك "وحيد" في كل مكان وفي كل زمان وكأن "وحيد" هو من تم استحضار نفسه البشرية لتعاقب القاريء على إقباله على قراءة الرواية، أما وبعيدًا عن "وحيد" إن استطعت البُعد عنه فالأحداث كانت مثمرة وغنية للقاريء فأخذنا الكاتب لحقبات ولمحات تاريخية لتزويد المخزون الثقافي للقاريء، أولًا عند ثورة 1919 وآراء المصريين حول سعد زغلول والثورة، اندلاع حريق القاهرة وما وراءه، مصطفى النحاس وإلغاء معاهدة السلام، ثم مقاومة السويس والإسماعيلية للإحتلال الإنجليزي، اختراعات نيكولا تسلا السرية وإلقاء بعض الضوء على مدى عبقريتها، علم الفراسة بشكل بسيط في مشاهد فكاهية بعض الشيء، وأخيرًا الإسقاطات التي حملتها الرواية وألقيت على التيك توكر والبلوجرز والفيمينيست وتأثيرهم على المجتمع. 

رأي شخصي:

الرواية أرضتني كثيرًا، واسمتعت بها على الرغم أن مسارها غير ثابت، وترتفع وتنخفض كثيرا وخاصةً في النصف الأول، وبها بعض الملل ولكنها متماسكة وترمم بعضها البعض، فكل فجوة تحدث سرعان ما يأتي أمر جلل ينقذ الرتم من الهبوط، بل ويرفعها لقمة التشويق والإثارة، وأكثر ما جعلني سعيدًا ومستمتع هو إستخدام الكاتب للفصحى سردًا وحوارًا وقد كانت نقلة عظيمة تمنيتها من أول معرفتي به وقد كان أخيرًا، الرواية تستحق 4/5 وهذا بالنسبة لي جميل جدًا لمثل ذلك النوع من الروايات المعقدة والمرهقة ذهنيًا.


تعليقات