-عزيزتي القريبة، أناديكِ بالقريبة لأنكِ رغم أنف البعد والغياب تعتلين عرش قلبي، يزدان بكٍ، يتراقص ألمًا على صوت خطوات رحيلكِ المحفور في ثناياه منذ آخر لقاء بيننا في خاطري، يخفق مرات ومرات حين يُخيل إليه أن الجميع يرونك ويسمعون صوتكِ وأنا وحظي البائس لا نراكِ.
تخبرينني أن دوامة الدخان في الشتاء القارس شهية؛ أعلم ذلك تمام العلم فأهل الشتاء أدرى بطقوسه، أيقنتُ ذلك حين احتسيت الدخان ممزوجًا بعبير أنفاسكِ، وقهوتي تخرج بوجه سميك أنيق لأن صورتكِ تبدو في الفنجان كنور يلوح في سقف زنزانة سجين بعد سنوات من العتمة، كل شيء برفقتكِ يكتمل ويزداد بهاؤه ورونقه، كل شيء ينقصه شيء في غيابكِ، كل شيء باهت من دونك.
عزيزتي القريبة، أفتقد رسائلكِ للحد الذي لا حد له، أما عن وجه التشابه بين حضوركِ وغيابكِ يكمن في أنه في حضورك تغيم عيناي بضباب نورك وحنانك ولا تستطيعان النظر إليكِ إلا نظرات مختلسة من فرط الحب القابع في أعماقي، وفي غيابك تترقرقان بالدمع افتقارًا ولهفة لرؤيتك.
عزيزتي القريبة متى ترفق الأقدار بي وترتب لقاء بيننا وسط أزقة القرية! فخيباتي تستكن في مستقرها المجهول حين يراكِ أي عابر محظوظ وأنا لا يحق لي رؤيتك، كل طقوس الشتاء المفضلة مكتملة إلا منك، فكفكفي عبراتي وارحمي أناتي وضميني بشدة علني أسكن وتلتحم كسوري.
#مذكرات_مريض_نفسي
#سعدالسعودي.