(مذكرات مريض نفسي "٢٤") بقلم: سعد السعودي...

 


بعد ليلة حافلة بالأرق وصراع مع الذكريات التي لا يكف ضجيجها عن مداهمة عقله؛ استيقظ مثقل الجفون من قلة النوم الذي لم يرفق به ولم يزره إلا سويعات كعادته، لعن هاتفه الذي لا يكف عن الرسائل أيقن أنه صار أسيرًا لهذا العالم الافتراضي، تلقى الخزي جرعات من واقعه فلم يدرِ بنفسه إلا وهو يعجز عن إيجاد رفيق يحكي له وجعه، حتى الأماكن تمردت وأبت أن تريحه أو ترشده أنها ستفتح أحضانها مرحبة به، هذا العالم رغم اتساعه يضيق عليه فبربك أخبرني أين يذهب المرء حين لا يجد مكانًا يذهب إليه!
 تصفح قائمة الرفاق المسجلين على هاتفه، رغم تخطي أعدادهم المئات من الأشخاص إلا أنه لم يجد بينهم من يمحي وحدته ويزيل شعور الغربة من داخله، فاشل أنت يا صاح حتى في اختيار صديق زائف تهرع إليه، فاشل في تنظيم الفوضى بداخلك، في إيجاد كتف تتكئ عليها وقت أن يستوطنك اليأس، أنت الذي جعلت من مشاعرك عطرًا تسكبه على آلام الجميع وحين احتلتك الندوب لم تجد قنينة فارغة تستنشق رمق عبيرها علك تسكن، أنت الذي فرقت السعادة على من حولك حتى نفدتْ وظن الجميع أنك ملاك من السماء هبط؛ لا يصيبك ألم ولا وحزن، أنت القوي في أعينهم بَيدَ أن جدران غرفتك تشهد على هشاشة روحك وتصدع قلبك من أثر الفقد، بارع أنت في الكتمان حتى تآكلت أضلعك، واسيت الجميع ونسيت ذاتك؛ وحدها من كانت تستحق دعمك وحبك فأهملتها، أنت الآن لا تمتلك القربان ولا سبيل للغفران بعد السقوط إلا النهوض، وأنت خائر القوى فأين السبيل إلى النجاة!
يا صاح صديق الجميع لا صديق له.
#مذكرات_مريض_نفسي
#سعدالسعودي

تعليقات