(مذكرات مريض نفسي "٢٨") بقلم: سعد السعودي...

 

السلام عليك يا صاحبي، في الأمس القريب كنت أناديك يا (صاح) على سبيل التخفيف، أما الآن بعد أن صرت حملا ثقيلًا يتجلى لذاكرتي في المسرات متحديًا، ونكبة من نكبات الدهر تثقل عاتقي، وندبة طبعت على جدران قلبي لا تمحى من أثر طعنتك النافذة؛ أناديك بصاحبي إذ لا يتسنى لقلبي المنهك أن يكفر بالمصاحبة مهما جُرح، والآن يا كل خيباتي دلني من أين لي رفيق أسامره وأشاركه خيباتي؟ أخبرني كيف يمحى الود ويذوب؟ كيف المداواة والطبيب خصم فاسد هاجت لذة الانتقام بداخله بغير حق؟ كيف يكفر المرء بالحب والعشرة ويلقي بهما في سلال النسيان والنكران؟
معضلتي أنني لا أنسى، ذاكرة قوية بائسة غارقة في مستنقع الخذلان والخيبة، وقلب عليل يعيش في المنتصف العالق بين الموت والحياة؛ فتح مصراعيه لك بما تبقى به من قوة، تسربل بوشاح حبك المزعوم، وتدثر بدثار كذبك المنسوج من الترهات ببراعة، استأمنك على حرماته فلم تصن له عهدا ولا ذمة، علقت صورتك على جدرانه بدسر خرقت ثناياه بلا هوادة، واتسعت شروخ لم تلتحم قَط، لكن تظاهرك بأقنعة المحبة جعلها تأمل في التلاحم، وتسلل الأمل كسحابة صيف بددت وهنها أشعة الشمس الحارقة، يا جل وجعي بربك أخبرني كيف تنتهك الوعود وكيف يحيا من عاش ظمآنا على سراب ظنه ماء فإذا به بئر مملوءة بالغدر والخزي فهوت به إلى قاع الظلمة والبرد؟ أين النجاة والحصون خاوية والأعداء لا يرحمون، كيف القتال والزاد نافد والرفاق خائنون؟ أما بعد فليجعل الله نار الغدر والخسة بردًا وسلامًا على قلوب الضحايا المنهكين، وليرد لكل حاصد ما زرع وزيادة.
#مذكرات_مريض_نفسي
#سعدالسعودي.

تعليقات