(مذكرات مريض نفسي "٤") للكاتب: سعد السعودي...

 




على أنغام موسيقى هادئة تترامى فتطرب الآذان، تجمع حشد كبير من الناس يصفقون للعروسين، هدأت أنوار المشاعل الصاخبة وعمت السكينة فراحا يتعانقان ويتراقصان على صوت أغنية هادئة بينما جلس الجمع الغفير يرمقونهما بفرح وسرور، العروس تبتسم وتتشبث بيد عريسها كأنه الملاذ الأخير، يبدو أنهما تزوجا عن حب بعد معاناة وتعب وها هما الآن يجنيان ثمار  الحب من بعد عناء الزرع، كانا في أبهى حلة.

راقبتُ في صمت وحبٍ السعادة التي تملأ قلبيهما، لطالما تروقني قصص الحب التي تنتهي بجمع المحب بمحبوبه، أشفق على المحبين من سرطان الفراق الذي يتفشى في قلوب عامرة بالحب فيميتها، أفرح لانتصار المحب كأنه انتصار لي، أقاسمه لذة الظفر بما طمع به وحققه، وخذلتني الأقدار به لحكمة لا أعلمها.

 فوجئت بها تجلس في مقاعد المشاهدين، التقت أعيننا في عناق شوق يحول بيننا الحاضرون، يمنعه ذلك الخاتم الذي يزين يدها حين تمت خطبتها لغيري، منعه عجرفة مجتمع لا يؤمن إلا بالمال ولتقذف المبادئ في بؤرة الجحيم.

نظرت نحوي بنظرات شوق وحنين استلت ما أخفيه بداخلي من حب ولهفة، وجرت خلفها ذكريات لم يعد لها وجود سوى بداخلنا، سرعان ما أخفت كل ذلك وابتسمت للجميع لكن قلبها يئن وجعًا، بارعة أنتِ يا عزيزتي في مواراة الوجع، في طمس هوية الندوب، في إظهار السعادة رغم الحزن، وبارع أنا في تجرع كؤوس الألم في صمت وتأقلم، ألا تبًا لمن طمس ملامح البراءة بقلبك وأصابه بالشيخوخة وأصاب قلبي بعدم الاكتراث لما يصيبه من ألم جديد.
#سعد_السعودي...

تعليقات