لم أكن يومًا الشخص المميز في حياة أحد؛ اللهم إلا من لحظات التعارف الأولى، أنا مبهر في البدايات فحسب، يجذب الحزن الأشخاص نحوي، ربما لاكتشاف قوة تحمل الخذلان الكامنة في هذا القلب، حتى رفيقي المقرب كان يعاملني مثلما يعامل البقية بينما كنت أتوهم أن هذه المشاعر والكلمات والمعاملة خاصة بي، مساكين نحن نعتقد أنه لزامًا على من نحب ونميز أن يعاملوننا بنفس الحب والتمييز، لكن لا بأس بتمييز من صديقي المقرب يجبر خاطري المحطم.
كنا نتجول بين الكتب في مرح، نستنشق عبيرها في فرح حيث نتشابه في تلك النقطة، أخبرني أن اليوم برفقتي يهون، لكن لسوء حظي سمعته يهمس لصديقه بنفس الجملة وهو يعانقه، لا أتهمه بالخيانة فمثلي لا يقدم ما يجعله في المقام الأول دون منازع، مثلي مسلوب من كل شيء، عاجز حتى عن اختيار ملابسه، لا أستطيع عبور الشارع وحدي، لذا فأنا لست في المقام الأول أعلم ذلك، لكن القليل مما أقدمه يخرج من قلبي، يخرج مطرزًا بالحب والصدق، الصدق رداء كل ما أقدمه وإن كان قليلا.
رأيت صديقي ذات مرة يأخذ رأي الناس فيما يصنعه، ابتسامة حمقاء ارتسمت على محياي حين ظننت أنه اختصني بذلك السؤال وحدي، يكفي أنه تذكرني من بين العابرين، لكن الغصة التي عصرت أضلعي لم تكن من فراغ، كانت نتيجة لأنني جعلته الأقرب لي بلا حذر أو شريك أو تساوٍ، يا صاح القليل مني يكون كل ما أملك، فهل يتساوى مَن يعطي ما فاض منه مع من قدم روحه قربانًا فداء لمن أحب؟
حينما ترك صديقي يدي ليعانق رفيقه سمعت صوت حطام أضلعي، وزاد الأمر سوءًا حين قال له: لمَ تأخرت يا صاح، لا أستطيع فعل شيء دونك.
لا ألومك أبدًا فالنفس تميل لمن يشبهها وأنا لا يشبهني أحد في تعاستي، لا بأس يا صاح سأعيد ترتيب أولوياتي وحياتي، سأحذف صورك من هاتفي، سأمزق الكتابات المتبادلة بيننا، سأحطم زجاجة العطر التي أهديتنها، سأمحو حبك من أغوار قلبي، لكن من يرتب الفوضى بداخلي ومن سيعيدني إلى نفسي الضائعة العاجزة، لقد اتخذتك رفيقا مقربًا وظللت صديقا للكل ونسيت أن صديق الكل لا صديق له!
#مذكرات_مريض_نفسي
#سعدالسعودي