عزيزتي الغائبة السلام على قلبك وروحك، مر على فراقنا خمس سنوات، أنتِ الآن بين أحضان رجل غيري وأنا بين أحضان خيباتي، أتوسد ذكرياتنا، أرمق صورتك في وجوم، يخيل إليَّ كل ليلة أنك ستحطمين الإطار الذي نسجته عليها وتخرجين منها، تسكبين عليّ عطر أنفاسك فأفيق، تخبرينني أنني كنت في أضغاث أحلامي وأنكِ ما زلتِ هنا، ترى ماذا جنيتُ وأي جرم ارتكبتُ حتى أظل أسير ذلك الكابوس اللعين!! ومتى يرفق بمضغتي الصغيرة ويرحل؟!
ترجلت أمس في جنبات الأزقة أبتاع بعض الحلوى التي تحبينها، ما زلت كلما أشتريها لنفسي أشتري لكِ مثلها حتى غدت خزانتي مكتظة بالحلوى الفاسدة، لا يهم فلم أكن أحبها لكنني أحببتها لأجلك، رحلتِ وتركتني ألوكها على مضض فقط لأنها تحمل رائحتك.
لحسن حظي أو سوئه رأيتكِ تمسكين يد ابنتكِ، كانت أنيقة الثوب مهندمة كما اعتدتكِ تنظمين أشياءكِ بعناية، ضفيرة شعرها تتأرجح خلفها تشبهك في صغرك وتشبه صور طفولتك التي معي، هي نسخة مصغرة منكِ، سمعت صوتك الذي غاب عن أذني منذ سنوات ولم يغب عن ذاكرتي البائسة وقلبي المتعب، سمعتكِ تنادينها باسمها الذي اتفقنا عليه، ويزين يدكِ ذلك الخاتم الذي أهديته إليكِ، كل الأشياء سارت كما خططنا معًا، ما يفرق أنها ابنتكِ من غيري، كنت تجيدين فعل كل شيء إلا الغفران، لو أنكِ غفرتِ لي الذنب الذي لم أقترفه أو كلفتِ نفسكِ عناء الاستماع إلى حجتي؛ لكانت ابنتنا ونعانقها معًا، لصرتُ رفيق الدرب وشريك العمر كما تعاهدنا، لكنني فقير حظ وأشيائي الجميلة لا تدوم.
أتذكر آخر مرة رأيتكِ بها كانت في حفل زفافك، كان جميع الحاضرين يصفقون لا أدري يصفقون فرحًا بك أم تشفيًا بي لأنهم راهنوا أنكِ سترحلين وراهنتُ أن مثلك لا ترحل، لا تترك جرحاً، حينها سقطتُ في إغمائي لكنني لم أكن أعلم أنه سيدوم إلى الأبد، يا عزيزة القلب ومستعمرته؛ بعض الجروح لا تبرأ أبداً، وها أنا عدت إلى قاع البؤس مجددا لمجرد أن رأيتكِ.
أما عني فقد غفرتُ، وصرتُ كلما رأيتُ أحداً يتشاجر مع مَن يُحب، أهرع إليه مرددًا:
-اغفر لمن تحب فلو أنها غفرت لاختلف كل شيء عما هو عليه الآن، لو أنها غفرت لكانت ابنتي عن يميني وهي عن يساري نجوب شوارع المدينة في حب وسعادة بدلاً من أنني أرافق الندوب والألم.
#مذكرات_مريض_نفسي
#سعدالسعودي