(مذكرات مريض نفسي "١٧") بقلم الكاتب: سعد السعودي...

 
























بعد رحيلكِ أخذتُ أطوف شوارع البلدة بحثاً عنك، بهيئة مزرية ووجه شاحب تحاوطه الندوب، وترويه العبرات المتدفقة من عينين حمراوين ملتا الدمع حتى جفتا، أحاكي الأشجار عنك فلا تجيب، أسألها عن جذع مني كنت أستند عليه فيحويني وذات صباح لم أجده، أتفقده بينها، أكذب الواقع وجميع الشخوص والأشياء بأنكِ لستِ هنا وأصدق هواجس قلبي بأنك لم تخوني عهدي ولم تنكري حبي.

كان المساء ضبابيًا والسماء مفعمة بالغيوم، والشتاء متمرد لا يرحم، ظننت أنكِ صحبتِ النجوم في جولة سمر وستعودين مع المطر، فهذا حال القمر يؤنس وحدة السائرين وينير دروبهم، قد يغيب عنهم ليرى الشوق في أعينهم ويعود محملاً بالعطايا.

تفقدت سلة بائع الزهور؛ هناك زهرة ربما حملتها عن طريق الخطأ، لا جرم عليك يا عم رد إلي بضاعتي فبضاعتي من دونها مزجاة، أيا بائع الورد أنا أعرفها جيداً فعطر أنفاسها يشبه ما معك، أسائل الأطفال هل مرت بكم قطعة حلوى شهية؟! تفقدتك في كل شيء نقي فلم أجدك، اتخذتكِ جذعي ولم أعلم أن المعول التي اقتلعت الأشجار يدها من نفس الأشجار.

نفضت الرأس التائه من أفكار الخوف التي تلازمه وأكملت بحثي وأنا على يقين من أنني سأجدكِ، فما كان من عهد بيننا لا يُخلف، وها قد مر مئة خريف وربيع وأنتِ لم تعودي، فإن كنتِ أخلفتِ العهد ولن تعودي؛ فمن يعيد إلي ضلعي الناقص والذي أعطيته لكِ بلا جهد أو حذر، ومن يرد إلي جذعي المبتور، أما قبل فإن الحب شريعة المتحابين، أما بعد إني وقلبي لا نملك رفاهية التخلي عن شريعتنا، فمتى اللقاء يا امرأة اختصرت كل سبل الطمأنينة في عالمي؟!

#مذكرات_مريض_نفسي.

#سعدالسعودي.

تعليقات