يا صاح أنا أعاني الخوف المتكرر، تداهمني نوباته دون سبب، يمر شريط ذكريات الخذلان أمام عيني دون توقف، أخاف من اللا شيء، صوت سقوط ملعقة أو تحطم إناء أو مكابح سيارة أو أي موقف عابر يزيد من خوفي وتشتتي.
يا رفيق الدرب ليست كل الجروح تبرأ بكلمات، بعض الجروح تحتاج إلى وقت فقط حتى تلتئم.
أنا أخاف حدوث أشياء لا تحدث إلا في مخيلتى، أكون في منأى عن العالم رغم أنه مكتظ بالأشخاص، يا صاح لا تطلب مني الثبات فأنا أكثر من ثبت وقت العثرات، لكن زلت قدماي، تعثرتُ، تخبطتُ بين ربوع القلوب هنا أنثر بهجة فأفقدها، وهنا أزرع حبوب الأمل فاحصدها خيبات ونكران كل جميل، هنا أقّسم روحي ثيابًا تزمل الأرواح المنهكة، وهنا وزعت أشلاء قلبي لإرضاء الجميع، هنا وقفتُ وحيدا ألملم بقاياي الخربة، هنا مللتٌ البوح وسئمتُ العتاب، هنا سعيتُ وسعيتٌ وتعثرتُ ونهضتُ، هنا وهناك معارك خضتها وهزمت فيها، هنا حاربتُ لأجل البقاء فظفرت بمغنم التخلي، هنا تلعثم اللسان ومن كثرة الأوجاع لم يعد يقص ما به، فلا تطلب مني الثبات ولا الصمود، فقط أوصيك أن تؤجل التخلي الذي بات القلب مؤمنًا بوقوعه من كثرة ما مر به، فقط أجّل رحيلك المحتوم ومُدني ببعض الأمان كهدنة استراحة كي أستطيع المواصلة.
يا صاح أنت لا تدري مرارة الدواء ولا جهاد التعافي، فأهل الندوب أدرى بطقوسها وعلقم مذاقها، يا صاح لقد عشتُ عمري صديق كل من لا صديق له والآن أيقنتُ أن صديق الجميع لا صديق له، وأن هناك أناسًا كتب عليهم المواساة وتطييب الجراح وهم في أمس الحاجة إلى كلمة حانية.
يا صاح لقد شعرت معك بأمان لم تألفه الروح من قبل؛ فأخبرتك بما يخيفني وقصصت عليك ما أعانيه، فلا تكن مثلهم.
#مذكرات_مريض_نفسي
#سعدالسعودي