(مذكرات مريض نفسي "١٣") بقلم الكاتب: سعد السعودي...





















 لا أخفيك سرًا يا صاح أنا أتمزق من الفراق، أهاب الرحيل وأوُلي لحظات الوداع ظهري لأنها تُحفر في ذاكرتي وتظل جرحًا لا يبرأ بمرور الزمن، تجعلني أرفض التعلق والتعمق وفَتْح أبواب قلبي المغلقة، تزيد من بناء الحيطان في وجه المحبين.

يا صاح أنا أتألم من الفراق رغم صلابتي المزعومة، أخشى صورته وسِيرته وسَريرته، أنت لا تدري عمق مصيبتي وعمق جرحي، وكم من ندبة طُبعت على جدران روحي تركت وشمًا يحذرني من الاقتراب من أحد.

مع كل فراق تنساب الذكريات المؤلمة بعقلي وكَياني كمجرى المياه في الوديان، ألم الفراق يعادل بداخلي ألف ألم.

تمر السنوات فتعصر روحي عصرًا، تستخرج ما تبقى بي من أشلاء قلب منهك ممزق، يمر أحدهم يحاول سد الفرج المتسعة، يلملم ما تبقى من مشاعر يابسة ذابلة، يرويها من روحه، يقنعني بحبه، يتوسل إلى قلبي أن يسمح له بتطهير ما به، ذلك القلب المكتظ بلافتات تحذيرية من الاقتراب فهذا القلب ملغم بالندوب والجراح، قد ينفجر بين لحظة وضحاها، يحاول أن يُخمد لهب الألم، يحب الخراب بداخلي، ينعش نصفي الذي به رمق الاحتضار ليعيش نصفي ما بين الحياة والموت، ينظر نصفي إلى نصفي الخرب برثاء وشفقة، ولذة انتقام وشماتة به لسماحه لأحدهم بالاقتراب.

أنا الذي كنت أحيا بنصفين ولم أتعظ من الخذلان، أصبحت الآن أشلاء متفرقة لكن الدرس فاق ألمه كل ألم، فما تبقى من ثقة قد اندثر، أيها الطارق على أبواب قلب ميت منذ زمن؛ رفقًا بيديك وبحرمة الميت، فلم يعد هنا سوى آهات روح بكماء لا يسمع أنينها إلا هي.

يا صاح لقد شممتُ رائحة الرحيل، رأيت طيفه في منامي وصحوتي مرات عدة، لكن قلبي الأحمق كفر بالفراق رغم وقوعه به مئات المرات، ومن يكفر بالواقع يستحق ما يحل به من هوان.

#مذكرات_مريض_نفسي

#سعدالسعودي

تعليقات