كنتُ وحيداً وسأظل كذلك، مثل شمس آخر يومٍ في رمضان، لا شمس أخرى تقاسمها وجع الفراق ولا تواسيها الرحيل، لا كلمات رثاء تهون عليها رمق الاحتضار، أنا وأنتِ نشبه قمر تلك الليلة الأخيرة، بعضهم يُحب غروبها حيث قدوم العيد وبعضهم ما زال قلبه يبكي من أثر الوداع، وما بين فرح وحزن كلانا في وادٍ غير الآخر، كلانا محاطٌ بالحب من الجميع إلا من رفيق دربه، كلانا مبهرٌ في أعين الآخرين وفي أعين ذويه لا شيء، أتدركين حجم المعاناة والتعاسة؟!
عزيزتي القريبة في كل شيء لكنكِ بعيدة المنال، فيك اجتمع الضدان والتقى الخصمان، وتعامدتْ الأشعة الواهنة على رأسينا تلفظ الدموع فتزيد طين قلوبنا بَلة، يا عزيزتى بيني وبينكِ مسافات ودروب عثرة، صنعناها بأيدينا وعنادنا، وتقاليد متعجرفة لا تمت للحب بصلة، كاذبان نحن، ظالمان للحب وهو مما نصنع بريء، أنا ضحية حبٍ قديم ترك وشمًا في قلبي يُحذرني من القرب والتضحية، وأنتِ حديثة عهد به فيصفعك بالصفعات على يدي.
أتذكر آخر مقولة من حبيبتي الأولى، عذراً من خيبتي الأولى، وإن شئتِ قولي جرحي الأول والأبدي، قالت: إنك لن تنجو من ذلك السم الذي طبعته بين جنبات قلبك، فنحن الفتيات إذا أحببنا؛ جعلنا حياة من نحب جنة ونعيمًا، وإذا كرهنا أذقناه ويلات العذاب، وهاكَ سمها لم يُجدِ ترياقُ حبكِ في شفائه نفعا، ولم تشفع قرابين حنانك في صُلحٍ ولا هدنة؛ لذا نحن كاذبان، فالحب يجُب ما كان قبله، لو أنكِ أحببتني لمحوتِ وجعي، ولو أنني أحببتكِ لنسيتُ مواجعي وانغمستُ بين أحضانك، وشربت كأس حبكِ حد الثمالة.
عزيزتي القريبة لم أعد أكترثُ لرحيل أحدٍ فلا داعي لاختلاق أعذار واهية، للجميع حق الرحيل وقتما شاء، لكنني أقسم عليكِ أن لا تُحملي الحبُ ذنب جرمنا وعدم الخضوع لقوانينه.