بعد صيام عن القراءة لأيامٍ عديدة كانت هذه الرواية سببا في إثارةِ فضولي وإيقاد نهمي للقراءة مرةً أخرة، رأيت ملف الرواية على قناة الكاتبة المحترمة د- حنان لاشين بالإضافة للعديد من مؤلفات نفس الكاتب، ولثقتي بترشيحات د- حنان حملتها كلها على هاتفي، واستحضرت كل ما أعرفه عن الكاتب وما سمعته عنه وما قرأته له من منشوراتٍ على الشبكة الإجتماعية فلم أجد إلا خيرا، وكان آخرها حين نشر الصديق والكاتب الجميل عمرو علي منشورا يوضح أن تلك الرواية "لا تسألني لماذا أحببتها" بالذات كانت سببا لدخوله عالم الكتابة، فزاد فضولي لتلك القراءة وكانت تجربة فريدة حقًا قلَّما يشعر بها قارئ.
بدأتُ الرواية بتأمل العنوان البرَّاق وأنا واثقٌ من أنَّ كلمةَ الحُبِّ" تلوكها كل الألسنة ولا يعطها حقها إلا أصحاب العقول الواعية الناضجة الذين يديرون مشاعرهم بعقولهم وليس العكس. فيكون حديثهم ملامسا لتلك الفطرة المكنونة في قلوبنا والتي تتوق دائما للشعور بالحب كونه أسمى المشاعر الإنسانية.
فبدأت وقرأت أول الصفحات، قرأت للصفحة ٥٠ دون أن أشعر!.فعادتي أنني في القراءة بطئٌ جدا وأكون متعمدا ذلك، فما يهمني استفادتي واستمتاعي مما أقرأ وليس عدد ما أقرأ من كتب، فعلمتُ منذ البداية أن التجربة ستكون فريدة.
وفيما يلي سأعدد مصادر الجمال التي لمستها في تلك الرواية وسأحاول ألا أنسى شيئاً
* تحدثت عن الحب بنضوج وليست بمراهقة، فكان الحديث شجيًا هادئاً مقنعاً وداعيًا للتأمل من أول التقاء الدكتورة شيماء "بطلة الرواية" بالدكتور "سعداوي" في كلية الطبِّ ثم عملهما معًا في مستشفى الصَّباح، وما قابلهما من صعوباتٍ وحواجزٍ نفسية وقفت حائلا دون أية خطوة للإرتباط
*الأفكار التي يحاول الكاتب تصديرها للقارئ هي أفكار راقية، مفيدة، وقدمها في قالبٍ منطقي مقنع وبلغة بسيطة، فشعرت بأنَّ من يحدثني أب أكثر منه كاتباً..وقد استأنست كثيراً بذلك!
*الوصف دقيقٌ جدا وسهل ومبسط كالحوار، أما عن السرد فكان بلغة عربية بسيطة دون استعراض لغوي أو كلمات مصطنعة في غير موضعها فكانت الرواية كبنية صادقة مثلما لمست صدقها في فحواها.
*الحبكة والقصة والمغزى ..ثلاثتهم رائعين
استوقفتني الكثير من الأفكار بين السطور ولم تَطُل الحيرة كثيراً فروح الكاتب الأبوية الصادقة جعلتني أثقُ في حُكمه على الأشياء من وجهة نظر شخوصه وأنصتُّ إليه إلى النهاية دون حتى أن أضع ملاحظاتي كالعادة!...ولم أندم على ذلك.
أحببتُ دفئ البيوت التي ذُكرت في تلك الرواية، وكأنما يريدُ الكاتب أن يخبرنا السبب الحقيقي لنشأة البيوت، وأنها لم تخلق إلا لتكون مأوى نفسياً وجسديا لأفراده، بخوفهم على بعضهم ومسئولية كل منهم تجاه الآخر. فأحببت بيت الدكتورة شيماء بأبيها الحنون الواعي رقيق القلب وأمها، وأحببت علاقة الدكتور سعداوي بزوجته الأولى صباح التي عمل على اكتشاف علاجها ليقدمه لها فسافر وارتحل وعاد بالعلاج بعد تعب وبحثٍ وحب وإخلاص شديدين.
الحبُّ رزق قد تؤخره العوائق، وتُصعِّبه الظروف، ويتفرق القريبين وهم قابضين على جمرهم مُكتوين بفراقٍ لم يُقررانه، حتى يكون ما بينهما بُعد المشرقين، ليس لأن الكره حل، بل لأن القدر نافذ وأمر الله صائر كلما نبض قلب وارتحل.
وفي الأخير ..
أسأل الله العظيم أن يبارك في كل صاحب محتوى صادق ومحترم وهادف بعيداً عن مدَّعي الفن الذين لا يضعون للمحتوى أهمية ويقدسون الأدوات تقديسًا أراه يفتقد للحكمة، فبالله بماذا ستنفعك أدواتك الساحرة إن كان محتواك سفيها، أيُعجبك أن تكون من العازفين على أجمل الأوتار نشازا !
أنصح بقرائتها فهي كانت أولى تجربتي مع الكاتب وسأعاود الكرَّة معه مرة أخرى إن شاء الله.
#كتاب